الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

1 في المفضليات

في المفضليات قصيدة.
قال ذو الإصبع العدواني:


لِيَ ابْنُ عَمٍّ عَلَى ما كان مِن خُلُقِ         مُخْتَلِفَانِ فأَقْلِيهِ ويَقْلِينِي
أَزْرَى بِنَا أَنَّنَا شَالَتْ نَعَامَتُنَا         فَخَالَني دُونَهُ وخِلْتُهُ دُونِي
يا عَمْرُو إِنْ لا تَدَعْ شَتْمِي ومَنْقِصَتي         أَضْرِبْكَ حَيْثُ تَقُولُ الهامَةُ اسْقُونِي
لاَهِ لابنِ عَمِّك لا أَفْضَلْتَ في حسَبٍ         عَنِّي، ولا أَنْتَ دَيَّاني فَتَخْزُونِي
لولا تقُوتُ عِيَالِي يَومَ مَسْغَبَةٍ         ولا بِنَفْسِكَ في العَزَّاءَ تَكْفِيني
إِنِّي لَعَمْرُكَ ما بَابِي بِذِي غَلَقٍ         عَن الصَّدِيقِ ولا خَيْرِي بِمَمْنُونِ
ولا لِسَاني على الأَدْنَى بِمُنْطَلِقٍ         بالفَاحِشَاتِ وَلا فَتْكِي بِمَأْمُونِ
عَفٌّ يَؤُوسٌ إِذَا ما خِفْتُ مِن بَلَدٍ         هُوناً فَلَسْتُ بِوَقَّافٍ على الهُونِ
عَنِّي إِليكَ فما أُمِّي بِرَاعِيَةٍ         تَرْعَى المَخَاضَ، وَما رَأيي بِمَغْبُونِ
كلُّ امْرِىٍء رَاجعٌ يَوْماً لِشيمَتِهِ         وإِنْ تَخَالَقَ أَخْلاَقاً إِلى حِينِ
إِنِّي أَبِيٌّ أَبِيٌّ ذُو مُحَافَظَةٍ         وابنُ أَبيٍّ أَبِيٍّ مِنْ أَبِيِّينِ
وأَنْتُمْ مَعْشَرٌ زَيْدٌ عَلَى مائَةٍ         فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ كُلاًّ فَكِيدُونِي
فإِنْ عَرَفْتُمْ سَبِيلَ الرُّشْدِ فَانْطَلِقُوا         وإِنْ جَهِلْتُم سَبِيلَ الرُّشْدِ فَأْتُوني
ماذا عَليَّ وإِنْ كُنْتُمْ ذَوِي كَرمٍ         أَنْ لا أُحِبَّكُمُ إِذْ لم تُحِبُّونِي
لَوْ تَشْرَبُونَ دَمِي لم يَرْوَ شارِبُكُمْ         ولا دِماؤُكُمُ جَمْعاً تُرَوِّينِي
اَللهُ يَعْلَمُني واللهُ يَعْلَمُكُمْ         واللهُ يَجْزِيكُمُ عَنِّي ويَجْزِينِي
قد كُنْتُ أُوتيكُمُ نُصْحِي وأَمْنَحُكُمْ         وُدِّي على مُثْبَتٍ في الصَّدرِ مَكْنُونِ
لا يُخرِجُ الكَرْهُ منِّي غَيْرَ مَأْبِيَةٍ         ولا أَلِينُ لِمَنْ لا يَبْتَغِي لِيني

كل أحد يستطيع أن يقول فيها فيها دينٌ بالفطرة, وأن الرجل له قلبٌ شاعرٌ ليس به السوء, وماعلى الرجل إن افتخر بمَكارِمَ يَجعَلنَ الفَتى في أُرومَةٍ، وإنما هو حياته واحدة فلتكن كما انبغى له فبدا له ففعله، وأن ماعليه أن يكون فيمن قال فيهم: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

وأن ليس صعبا، على من يسمعون، اجتهادا في تبيين الضرب، وليس أي ضرب، نحن نتحدث هنا عن "حيث تقول الهامة اسقوني"، والسقيا - قد علمنا - مما وجد الأبناء عليه الآباء؛ يرون غائب الموت يعطش، فإلاتسقي قبرَه سحابة، وإلا. نقول ضربا حيث القبر في الجوار، ربما كي لانتعب أهل الميت، أو من في حكمه فهو حي للآن فحسب، والثانية التالية لابد ميت. سنضربه حيث سيدفن، وربما دفناه. أو أنَّ الهامة هي الهامة في باب لاهامة؟

لن يخبرني هذا الـ "أحد" بمعنى النص، إنه إن قال فأحمق، وإن سمعته أنا فأنا أعرفُ بنفسي، أو أحببت أنت سماعه، فلترمٍ شخصك بحجرٍ خطيئتك في استيعاب ماعُلِمَ من الشعر بالضرورة.

للعروضيين أن يحذرونا من الوقوف على "من بلد"، وأن نقف على هونا إن شئنا. وللنحويين أن يستعرضوا بالقول: لاهٍ أي لله بحذف الجارة. ولمتعشقي الأدب: بل هي قسم. ولن أعطي للحمقى الذين يقولون: طباق يوضح المعنى من خلال ... . ولأحباب الفتوة عند العرب نغريهم بزيارة قبر الفتى الذي ماينفك بابه مفتوحا، وولسانه عن الفحش ساكتا، وأبواه - ماعاشا وإن ماتا - في إباء دائم، حياة وموتا. وللدلاليين أن يحدثونا عن "الأبيين"، هي جمع، وجاء على الجناس، وتكرَرَ اللفظُ للاستلذاذ بمفخرة في معناه. وأن يزيدنا بعضهم: ذا عرف وذا جهل وذا شرب وذا دم وهااللسان وهاالحكمة السرمدية آخر البيت؛ تلك إذن معاجم القصيدة الجاهلية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق